الأحد، 12 مايو 2013

المبرراتي الجزء الثاني "الواجب المقدس"

في مكان ما داخل أحياء المدينة العتيقة - مدينة القاهرة - ، جلس محمد يتابع أخر الأخبار على الفيسبوك و أخذ يتصفح صفحه يبدو  أنها تسخر من النظام الحاكم للبلد ، يتابع محمد الصفحة بإهتمام و و قد عقد جبينه و أخذ يحدق في الشاشة بكل قوه، ثم أخذ نفسا عميقا و بدأ يفكر في الرد المناسب على الفقرة التي كان يقرئها. كانت الإضاءة خافته نوعا ما داخل الغرفة التي تمتلئ بالعديد من أجهزة الكمبيوتر و التي يجلس عليها زملاء محمد المشغولين في كتابه ملايين الردود على معارضين النظام، ولا شيئ يعلو في تلك الغرفة على صوت الضغط على أزرار لوحات المفاتيح الخاصة بتلك الأجهزة. نظر محمد إلي زميله صلاح و قال له بصوت خافت "هما ليه ديما بيردوا و بيقولوا علينا خرفان؟؟؟ "



كله بالحب

وقف الأستاذ عليّ المحترم في نصف الغرفة و قال لكل المتواجدين بصوت جمهوري مرتفع ، كله بالحب علينا أن نحاربهم بالحب علينا أن نحاورهم بالحب علينا أن نحببهم في الجماعة ، هذا هو واجبنا المقدس و هدفنا السامي علينا أن نبني الكيان و نؤثر على الرأي العام و كله في سبيل تحقيق المصلحة العامة !!. و هنا وقف محمد رافعا يده و قال ألسنا هنا لمحرابه العلمانيين و الليبراليين الكفرة  و تتفيه آراءهم و سبهم بشكل متكرر حتي لا يتجرأوا على السيد الرئيس و على الجماعة؟؟. نظر الأستاذ على إلي محمد نظرة مقتضبة و قال نعم نعم هو ذلك و كله أيضا بالحب و الأن إلي أعمالكم و يوفقكم الله.


و من الحب ما قتل


يقول محمد محدثا نفسه "لماذا يكره العلمانيون الحقراء فخامة الرئيس ، يبدوا أن هؤلاء يريدون أن تشيع الفاحشة بين الناس ولا يريدون لحال هذه الأمه أن ينصلح؟!. و كيف يمكن لأحد أن لا يحب الرئيس المؤمن التقي الذي لا يترك فرض من فروض الله ، و هنا جلس محمد و تذكر  للحظه بعض الأمور التي حدثت معه منذ الصباح ، هناك أزمه طاحنه في المواد البترولية جعلت الحياه جحيما ، المواصلات أصبحت أغلي بكثير من السابق.  - و إن وجدت - ، مشكلة الإنفلات الامني تفاقمت ، و مشكلة النظافة اصبحت من السمات المميزة لكل المدن المصرية هناك تلال من المخلفات في كل مكان و هناك العديد من الأزمات الأخري ، هناك مشكلة كبيرة تجتاح البلد وهي أن هناك أزمه ثقة بين الشعب و رئيسه." محمد بدأ يفقد السيطرة على نفسه و بدأ يتصبب عرقا إنه لا يستطيع الرد على أي أحد و بدأ يحس أن موهبته الفذه في التبرير بدأت في التلاشي. هنا قام محمد من كرسيه و توجه نحو مكتب الأستاذ علي لعله يجد عنده ما يرد به على كل ما يدور في راسه.


الطريقة اللولبية في التبريرات الغير منطقية

طرق محمد باب مكتب الأستاذ علىّ و دخل له على الفور. قال له الأستاذ علي ّأجلس يا محمد ما بك؟ . قال محمد "فضيلتك أنا مش قادر أرد و أكون عند حسن ظن الجماعة لأني كل ما أحاول الرد على أحدهم أجد نفسي أفكر في حال البلد و أني انا أيضا أشرب من نفس الكأس فلم يعد عندي مبررات لهذا، أخشي أن تكون موهبتي في التبرير إنتهت " هنا رد أستاذ علي ّبعد ما امسك لحيته القصيرة قليلا ثم قال "لن أكذب عليك يا محمد أجل هناك مشاكل بالجملة ولكن هل نبرزها و نشمّت فينا العلمانيون أم نخفيها حتي تقوي القيادة على حلها ؟؟ نحن يا محمد في منعرج تاريخي مهم جدا و أنتم أبطال الجماعة و أحد خطوطها الامامية المهمة. عليك أن تري دائما تلك الحقيقة ، أن هناك من ينتظر فشلنا على أحر من الجمر و إن فشلنا لا قدر الله ستجدهم يقفزون علينا  في لمح البصر ليخطفوا كل ما تعبنا و أنجزناه في الماضي. حافظ على ثباتك ولا تشمت فينا العلمانيون قاتلهم الله.



الخبير للباحثين عن أصول التبرير

نظر الأستاذ عليّ إلي محمد نظرة الواثق من نفسه وقال له "أنهض يا محمد هذا حقنا ...علينا أن نمهد الطريق لفخامة الرئيس حتي يأخّون الدولة كما ينبغي ، و إن في ذالك خير كثير لنا نحن الأهل و العشيرة " نظر محمد نظرة عديمة الفهم و قال له " وماذا في ذلك فضيلتك ؟؟" …. رد عليه و على شفتيه إرتسمت ضحكه أقرب إلي ضحكة مصاص الدماء حينما يغلق الباب على فريسته - مثل أفلام الرعب القديمة- و قال له تعرف الكوسة ؟؟ قال له نعم قال أستاذ علي بنفس الضحكة " دعهم يطبخوا الكوسة و حينما تنضج سيأخذ كل إخواني نصيبه منها " هنا زادت علامات الإستفهام فوق رأس محمد و نظر لأستاذ عليّ و قال له "ولكن الثورة قامت من أجل العدالة الإجتماعية و أن يأخذ كل ذي حق حقة لا أن تكون لنا وحدنا " هنا أنفعل أستاذ علي ّو إستشاط غضبا. ً


الإسفاف فن من فنون الإختلاف

"كل ذي حق حقه ؟؟؟ نحن فقط من نمتلك الحقوق هنا " قال تلك الجملة أستاذ علي ّو كاد أن ينفجر من شدة الغضب ثم تلاها بــ" هذا حقنا وحدنا و الثمن الذي لابد أن يدفعه المجتمع لنا نظير خدماتنا في الدفاع عنه طوال السنوات السابقة حينما كانوا ينامون في بيوتهم و نحن ننام على البورش في معتقلات مبارك ، من هم هؤلاء الذين يمتلكون حقوقا ًغيرنا نحن من كنا نعارض وقتما كانوا يخافون ، هذا أبسط حق لنا بعد كل هذا الجهاد و إن كان لابد أن يأخذ كل ذي حق حقة فنحن من نستحق بجدارة" هنا سكت محمد و يبدو أن كلمات أستاذ عليّ أصابته في مقتل و يبدو أيضاً أنه الأن قد وجد التبرير المناسب ليبرر لنفسة أولا قبل أن يبرر كل أفعال و ذلات النظام الحاكم.




خميس و أرقي أساليب التدليس

خرج محمد من عند أستاذ عليّ و يبدوا أنه إستعاد جزء ليس بالقليل من قدرته على التبرير و محاربة أبناء بنو علمان، و جلس على الجهاز الخاص به و بدأ مشواره في كتابة التعليقات و إصطناع الأخبار و محاولة تأكيدها بعد ذلك عن طريق عمل كاريكاتير أو كوميك و سرعة رفعه على النت حتي يوجه الضربات لأعداء الشرعية و الشريعة بمنتهي القسوة و بسرعة فائقة حتي ينصر بهذا المشروع الإسلامي "طبعا من وجهه نظرة - فكل من يروج تلك الإشاعات و الأكاذيب لا يري نفسه كاذبا ًبل يري نفسه يستخدم خديعة الحرب لنصرة الدين و الشريعة" و لكن هناك شيئ في صدر محمد بدأ يتحرك فهو لأول مرة يقرأ ما يكتبه هؤلاء العلمانيون و بدأ يفكر بينه و بين نفسه " نحن نحوّر أي كلام يخرج من هؤلاء على أنهم مغرضون و مأجورون و الغريبة أن هؤلاء في رصدهم لمشاكل المجتمع لا يأتون بأخبار من المريخ ولا يسخرون من شخص يقول كلاما ًموزونا ً و إذا كانت المعارضة هي السبب لماذا نعطيها كل هذا الحجم بإمكاننا أن نتركها ولا نحمّلها أخطائنا و نعمل في صمت …. ساعتها سنصلح الأخطاء ولن يجد هؤلاء فعلا شيء ينقدونه و إن نقدوا شيئ غير حقيقي لن يصدقهم الناس ، أرجع محمد رأسه للوراء وقال "يا الله عرفت السبب أنا أدافع عن رئيس فاشل لكي يزداد في فشله و يظل يحمّل أخطائه على شماعه المعارضة التي هي في الحقيقة أضعف من أن تتسبب في كل هذه الفوضى و نحن من نمتلك الحكم ….............  


  المراجع المنسية للشمّاعات الإخوانية

عادت الحالة من جديد محمد لا يستطيع كتابة شيئ ولولا خوفه من زملائه لصرخ فيهم و قال لهم كفوا عن دعم الفاشل فهو خسر الجميع و فرقنا بعد أن كنا عصبة ، إنتبهوا سوف يفيق الشعب من وهم أننا نمثل الدين و سيكون رد فعلهم صادم جداً. أقترب موعد صلاة الفجر و  معظم من كانوا في المكان إنصرفوا و محمد لم يكتب شيئ اليوم بعد ما قارب من فهم الحقيقة . بدأ محمد يراجع بعض الفيديوهات على موقع يوتيوب الشهير لبعض رموز المعارضة . و قرر ان يجرب أن يسمع منهم لأول مرة ، و لفت إنتباهه فيدوا لباسم يوسف  ذلك الساخر الذي كان يعتبره منذ ساعات قليلة شخص حقير لابد من إستتابته من جديد و لاول مرة منذ عدة أيام تعلو فوق شفتيه إبتسامة من المادة التي يشاهدها، ولكنه لمح بطرف عينيه شيئ جعل تلك الإبتسامة تمحي على الفور.


الصدمة العقلية في الرأس الحجرية


ينظر محمد بمنتهي الإصرار و الترصد لفيديو لمحه من على القائمة المختارة لموقع الفيديوهات الشهير و هو الان منتظر أن ينتهي تحميل هذا الفيديو و يبدأ في العمل ببساطة  …. ذلك الفيديو يحتوي على تصوير لشخص ملحد متطرف يشكر باسم يوسف و يثني علية لأنه يسخر من المشايخ و يطالبه بمزيد من تلك الأعمال التي هي من هذه النوعية، هنا إستشاط غضب محمد و أدرك انه كان مخطئاً عليه أن يتحمل فشل الفاشلين و أن يصبر على كل المشاكل التي يعاني منها في حياته حتي لا يشمّت فيه مثل هذا الشخص المتطرف. و هنا قرر محمد ان لا ينام و أن يبدأ فيما عجز طوال اليوم عن عمله وهو إستكمال الواجب المقدس في صناعة التبريرات. لن يفوز علينا الملحدين و العلمانيون الجبناء سنجاهد حتي ننتصر و نجعل هؤلاء الأنجاس الكفرة ال!#@$%^ يموتوا بغيظهم.


الخاتمة


المشكلة التي يعاني منها محمد هي نفس المشكلة التي نعاني منها جميعا ًفي بلد  حديث عهد ٍبالسياسة فنحن تربينا منذ نعومة اظفارنا على التشجيع ، تجد الطفل و هو مازال في المرحلة الإبتدائية يسأله زملائه و أحيانا ًأساتذته سؤال شبة ثابت " أنت اهلاوي ولا زمالكاوي " و إن كان السائل أكبر عمرا ًمن المسئول و كان المسئول يشجّع نفس الفريق تجد كمية إطراءات لا يتقبلها عقل و إن كان يشجّع المنافس ستري كمية السخرية و أحياناً الشتائم التي قد توجه له !. ، و كل هذه العوامل و عوامل أخري مثل " ما بلدك ما عائلتك ما وظيفة والدك و ما شهاداتك ؟؟ ….. و تأكد ستجد رد السائل إما بالإطراء الزائد أو بالسخرية الشديدة " و كل هذه الأسباب تنمي روح التعصب الأعمي و خليط من الحقد و الكراهية لكل من هو مختلف عنا  منذ الصغر.حيث لا مجال لإستخدام العقل أو التفكير في المصلحة أو أي شيئ أخر فقط إنتماء و محاولة لتأكيد دائما على جودة الشيء المنتمي إليه و طبعا ًإستخدام التبريرات في إخفاء العيوب و إظهار المحاسن ، و بهذه الطريقة يُصنع المبرراتي ، و دمتم بخير .
أرجو أن تعذروني إن أطلت عليكم  و أيضا إلتمسوا لي العذر بسبب التأخر في كتابة  هذه التدوينة.



 

أحمد محمدي

يمكنك نقل أي موضوع من المدونة بشرط ذكر المصدر وذكر رابط الموضوع الأصلي.



      # -  ثورة بنادورا
      # - درما الكنبة المصرية
      # - ضمير الثورة
      # - ثورة الفوتوشوب
      # - زعيم الأغلبية الجاهلة
      # - تجار الجهل
      # - حجر الفلاسفة
      # - غرفة الفئران
      # - 31 عام من العزلة
      # -  نظرية الظل !
      # - الساسة و رجال الدين
      # - تحت خط الفقر
      # - نظرية المؤامرة
      # - أرض النفاق
      # - ثورة أم إنتفاضة أم مجرد حركة أخري
      # - الغباء السياسي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Share

Ahmed

شركة مسافة لتقنية المعلومات

شركة مسافة لتقنية المعلومات
برامج نقاط البيع و برامج إدارة المنشئات و الشركات