السبت، 23 مايو 2015

رسائل من العالم الأخر

فادى اصحى هنموت اصحى يا فادى المركب بتغرق ، بصعوبه فتح فادى عيناه كان مرهق جدا و فى نفس الوقت كان مرتبك جدا ، كان يتملكه شعور غريب خليط بين التعب و الخوف و التفكير فى حبيبته لم يستوعب كيف تسللت كل تلك الافكار إلى رأسه  ، هناك الملايين من الأفكار في راسه بالفعل ، لقد اصبح مشوشا جدا و بدأ يري شريط حياته بالكامل يجري بسرعة أمام عيناه  ، بصعوبة بدا يقف ليدرك حقيقة الامر أن النهاية وشيكة ، كان الموج عاليا و برودة الجو يطغي عليها سخونة الاجساد المتلاصقة التي تتحرك على سطح مركب الصيد الصغير و تجعله أحر من أشد أيام الصيف ، هذا المركب المتهالك الذي لا يستطيع أن يتحمل حتي نصف هذا العدد من المهاجرين ، يعلوا الموج أكثر و يتقلب المركب بعنف كأنه يوصل رسالة إلي مستقليه  مغزاها ، "أنتم غير مرحب بكم هنا ، إقفزوا إلي البحر فربما تجدوا فيه المكان الذي فشلتم في تحقيقه في بلادكم و حتي في بلاد الغربة!" ،  يتأزم الموقف أكثر فأكثر و هنا يتأكد فادي أنه هالك لا محالة ، لقد تبخرت كل أحلامه في الحصول على  حبيبته أو حتي في مجرد الحياة الكريمة ، و أصبح يعلم جيدا أن حتي حياته التي لا يملك غيرها  سيخسرها هي الأخري غريقا في عرض البحر ، لم يفكر فادي كثيرا أخرج علبة سجائره و قام بتمزيقها ليحصل على سطح قابل للكتابة ثم أخرج قلم من طيات ملابسه و بيد مرتعشة كتب أخر كلماته إلي حبيبته و هوه يعلم جيدا أن الرسالة لن تصل إلينا إلا حينما يكون هو في العالم الأخر.



واقع مر

أصبح من الطبيعي جدا و المنطقي حينما تحاور شخصا أكبر منك في السن و يسألك عن دراستك أن ينهي كلامة بعبارة  "ما شاء الله شغلانتك مطلوبه جدا بره" ، للأسف أصبحت الثقافة السائدة في مجتمعتنا أنه لن تستطيع بناء نفسك على نحو آدمي إلا إذا سافرت للخارج !، إنعدام الفرص أو حتي ثقافة صناعة الفرص جعلت من كل شاب مصري صغير مشروع مهاجر سواء كان يريد الهجرة إلي دوله عربيه أو التحليق نحو الغرب ، و ربما كانت الغيرة هي الدافع الأكبر لهجرة الشباب المصري أنا شخصيا أرها أكبر الدوافع حيث تزرع الغيرة فينا منذ نعومه أظفارنا ، بالمقارنات الغبية التي نربي عليها  و رغم أنوفنا ، تجد الامهات المصريات لا تريد التفوق لأبنائها إلا لكي يكونوا أحسن من بنت فلانه أو من إبن علان !!؟؟؟ . نعيش في بلادنا فاقدين لأي حس إبداعي كل أب يحاول أن يجعل من أبنه نسخه طبق الأصل منه و يعتبر التفكير خارج الصندوق درب من دروب الجنون ، لو قال لك إبنك "لا أريد دخول الجامعة  فهي عبارة عن سنوات عمر ضائعة " ستجد الأب يصف الإبن بالجنون وربما يطرده  من البيت ، وليس الأب و الأم فقط هم من  يخلقون القوالب المصمتة لابنائهم حتي لا يخالفوا الأخريين ، هناك المجتمع الذي يرفض كل من خرج عن هذه القوالب ، مثلا يتم إعتبارك فاشلا مدي الحياه أوي شخص غبي ذو تفكير محدود لو فشلت في إختبار قالب الثانوية العامة او لو حتي حصلت على درجات محدودة ؟؟!! ، و ربما لن ترضي بك عائلة لأبنتهم المهندسة لو كنت أقل من دكتور ؟؟!! . حتي لو كنت إنسان ناجح  في حياتك و دخلك يساوي دخل الدكتور في عشرة !!؟؟.


بلد القوالب

القصة كلها هي مجموعة من القوالب المصمتة الفارغة التي صنعها المجتمع بسبب ثقافته المتخلفة  و إن خرجت عن تلك القوالب فسترفض من المجتمع و سينزل عليك المجتمع كامل لعناته . مثلا قالب التعليم و قالب التعليم به الكثير من  المحاذير التي  يجب أن لا تخرج عنها حتي تنجح في قولبة نفسك داخل القالب و أذكر بعضها . (لابد ان تحصل علي دروس خصوصية ، التعليم المهني تعليم الفشلة ، لابد أن تدخل الثانوية العامة "و إلا الناس هتاكل وشنا" ، المجموع لابد أن يتخطي ال100 حتي تعبر عنق الزجاجة ،  طب و هندسة هي كليات القمة و الباقي في القاع بدون مستقبل ………..)  طبعا بعد مرور الطفل خلال  هذا القالب  الجبار الضخم  يتحول لماكينة حفظ أو إنسان بلا إبداع و لك أن تخيل طالب أخر ذكي لكنه لم يوفق في هذا  و وصم بالعار مدي الحياه ؟؟!! .. هناك من هم على درجه رائعه من الذكاء أنتهي بهم الأمر معلقين على أحد الكباري منتحرين لأن المجتمع رفض أن يصفح عن خطاياهم في عدم التقولب بالقالب المفروض عليك ؟؟!!.

لم أستغرب كثيرا حينما شن البعض حملة على الرئيس "السيسي"  حينما صرح بأنه سوف يجهز للشباب عربات خضار تساعد في خفض نسبة البطالة أو الهجوم الغبي على رئيس بنك الإسكان و التعمير حينما صرح أن الشاب لابد أن يبدأ حياته في شقة 35 متر ، للأسف  قوالب المجتمع لن تسح لأحد أن يفكر خارج الصندوق ، فالشاب العاطل يريد  أن توفر له الحكومة عمل مكتبي يليق بالأستاذ الأفندي الباشا ، لا مجرد عربه يكد عليها ثم ينبني نفسه درجه درجه حتي يصل للثراء المطلوب ، لا هو يخاف من أن يخرج من قوالب المجتمع  فكيف ستقبل به بنت الباشا وهوه مجرد بائع خضار "بالمناسبة هناك الملايين من قصص الصعود لرجال أعمال غربيين بدأوا بعربه خضار أو أقل مجرد صندوق به بعض الخضروات ".
أما عن موضوع الشقة الصغيرة و التي وصفها البعض بالمدفن فأحب أن أعرف أن 35 مترا في بعض الدول كالولايات المتحدة او اليابان تعتبر من دروب الترف ، لكنه القالب اللعين الخاص بالزواج ، أين سيضع السفرة و الصالون و كمية العفش الجبارة التي يشتريها العروسين و لا تنسي الوحش الكامن في البيوت الذي يسمي "النيش" و تلك الأشياء التي لا فائدة منها إلا أنها لمجرد المنظرة على  اهل العروسين !!!. كان يجب أن يرد الوزير و يقول بإمكان الشباب البداية فيها ثم بعد الزواج يتحقق الإشباع العاطفي الذي سيدفعه نحو المزيد من النجاح ثم لو أستطاع شراء فيلا فليفعل لن يمنعه أحد ولكن إذا أردت المساعدة من الدولة فالتكن على  أقل القليل   من  المتاح  ، ليس من المفروض أن تتحمل الدولة مصاريف ترف "التنابلة"؟؟!! .



رحلة صعود


كل بلاد العالم تعتمد على أفلام العصاميين و قصصهم حتي تحفز الشباب لكي يحذوا حذوهم ، لقد قرأت المئات من قصص الصعود لأناس بداوا حياتهم بالقليل من إدراك الفشل لكنهم لم يستسلموا للظروف و قهروها و حولوا فشلهم إلي نجاح و تشاهد في  تلك القصص كيف  أتقن أصحبها التفكير خارج الصندوق و بنوا انفسهم بأساليب شرعية و أفادوا أنفسهم و أفادوا بلادهم ، و تسببوا فعلا في تغير العالم كقصة صعود مثلي الأعلي في المجال العملي ستيف جوبز .

إلا في مصر لن تجد قصص نجاح العصاميين مشابهه لتلك التي تقرأها عن العصاميين الغربيين ، و وجه الإختلاف هنا ان العصامي الغربي يحاول و ينجح في بلادة بينما العصامي العربي أو المصري عليه بالفرار إلي بيئة نجاح مناسبه في الخارج حتي يتثني له النجاح مثل العالم أحمد زويل و فاروق الباز و عصام حجي و غيرهم ، و لو كانوا جلسوا في مصر و قاموا بنفس التجارب ما كانوا ليحققوا ربع ما حققوه في الخارج ، إن المادة السينمائية في مصر تعجز عن عرض  قصة صعود واحدة لرجل أعمال مصري ؟؟! و هوه الواقع للأسف هل تتوقع مثلا أن يكون هناك فيلم رحلة صعود " لأحمد عز مثلا " ، هل لو تم عمل مثل هذا الفيلم  سيصدق المشاهدون أحداثه ؟؟!!. بالطبع لا لأن النجاح داخل مصر للأسف مربوط بالكثير من الأحداث الغير قانونية و الغير أخلاقية .

قصة العصامي في مصر هي عبارة عن نموذج من شخصية عادل إمام في فيلمه الشهير "مرجان أحمد مرجان" ، فهي شخصية عبارة عن خليط من الرشوة و الفساد و المحسوبية و شراء أي شيء بالمال ، كأنها رسالة واضحه للمجتمع إذا أردت أن تنجح فعليك أن تنحي أخلاقك و مبادئك جانبا و إلا فعليك بالسفر إلي الخارج حيث يحصل المجتهد على حقه فعلا بدون وساطه مقيته و لا محسوبية فارغة .

حقيقة

بعد فتره عرض كل فيلم مصري يحتوي على قصة رحلة صعود عصامية "في الخارج طبعا" كفيلم الرائع أحمد ذكي "النمر الأسود" ، تجد سفارة البلد التي دارت بداخلها تلك القصة ، تضع شروط جديدة مجحفة لكل من يريد الحصول على  تأشيرة دخول تلك الدولة و ذالك بسبب أن الفيلم صنع للمصرين قالب جديد وهوه الهجرة إلي تلك البلد بالذات ، فتجد بعد عرض الفيلم ألاف من الشباب المصري و قد إصتفوا أمام مقر السفارة طالبين التأشيرة لكي يهاجروا إلي تلك البلد ربما يحققوا ما حققه بطل الفيلم و ما فشلوا في تحقيقه على أرض وطنهم الغالي.



أحمد محمدي  

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Share

Ahmed

شركة مسافة لتقنية المعلومات

شركة مسافة لتقنية المعلومات
برامج نقاط البيع و برامج إدارة المنشئات و الشركات