الاثنين، 27 فبراير 2012

نظرية المؤامرة


إحترس!!. أنهم يجتمعون في السر يتشاورون و يخططون، يدرسون خطواتهم القادمة، يريدون الخراب و إراقة المزيد من الدماء، يخططون لحرق العالم، و إزاحتك من طريقهم، أجل أنهم يتأمرون عليك فأحزر منهم لا تنم ولا تغفل عنهم أبدا فهم دائما هناك!. في غرفة مغلقة فيما وراء الكواليس مظلمة و باردة. و من هناك وبدون أن يشعر أحد بهم، تمتد أيديهم الخفية لتعبث بامنك و تهدد إستقرارك....... هذه المقدمة ليست من فيلم سينمائي أو قصة خيالية! و  لكنها في الحقيقة من رأس مسؤول أصابه الفقر الفكري ولم يستطيع ان يحدد الأسباب الحقيقية لفشلة فيبادر بتعليق الفشل على شماعة المؤامرة الدنيئة التي تحاك ضده بإستمرار.



تعريف النظرية

نظرية المؤامرة Conspiracy Theory هي محاولة لتفسير بعض الأحداث المتتالية يشكل ما علي أنها خطة محكمة تدار من قوي خفية سواء كانت قريبة أو بعيده من الأحداث، وكثير من المؤمنين بنظرية المؤامرة يعتقدون بشكل قطعي ان الأحداث العالمية الكبري قد أدارها مجموعة من المتآمرين ولكن من وراء الكواليس؟!.ويظن البعض خاطئا أن تلك النظرية هي وليدة عقيدة عربية!. بل هي على العكس تماما قد ظهرت في الدول الغربية ثم إنتقلت إلينا في العصر الحديث حيث وجد فيها معظم النظم الفاشلة الحل السحري و السريع من أجل التنصل من المسؤوليات و إلقاء اللوم على العناصر الخفية. وقد ظهر المصطلح أول مرة في مقالة اقتصادية عام 1920م ولكن جرى تداوله في العام 1960م.


دائما هناك مؤامرة

نفي عدم وجود مؤمرات شيئ غير مقبول طبعا فالمؤامرة موجودة فعلا في كل مكان في العمل و في الشارع و حتي في البيت متي توافرت أركنها وهم المتآمر و المتآمر علية و الهدف من المؤامرة اي المطلوب تنفيذه. و هناك مثال من الحياة العملية حينما يتأمر موظفان على زميلهما حتي يتم طرده من العمل أو يتأمر شخط بزرع شيئ يعاقب علية القانون في منزل أخر ليتم القبض علية. أو يتأمر إثنان لقتل أو لسرقة أو حتي من أجل عمل خيري. وحتي في حياة الأطفال مثلا حينما يتأمر طفلان لينتظرا زميلها خارج المدرسة!. وهكذا تتعدد المؤمرات دائما في حيتنا. و بالتالي أكيد هناك بالفعل مؤامرات تحاك ضد بلادنا من الخارج لكن ما حجمها و ما خطورتها و ما مدي التقدم في -تنفيذ الخطوات- الذي يحرزه المتآمرون لا أحد يعلم.


الهزيمة النفسية

أن عرفت أن هناك شيئا يحاك ضدك في الظلام - من وراء ظهرك - عليك بتحليل الأمر جيدا حتي لا تقع ضحية لهزيمة نفسية بدون أسباب منطقية قد تجعلك تخسر حربا من قبل الدخول فيها. فمثلا لو رجعنا للمثال الذي ذكرته في الفقرة السابقة حول أن هناك إثنين من الموظفين تأمروا علي زميلهم لأقصائه من العمل، لننظر لتلك الواقعة من وجهة نظر المتآمر عليه نجد أنه يحس باستمرار أن هناك من يشوه صورته عند رؤسائه و هناك من يحاول إفساد أعماله بصورة قد تؤثر أساسا علي عملة وقد لا تكون هناك مؤامرة من الأساس ولكن حينما يعنفه أحد رؤسائه تجد يبدأ بإلقاء فشلة و اللوم علي الأخريين الأمر الذي يجعله يتقبل نظرية المؤامرة بشكل يسبب له هزيمة نفسية فلا يحاول إصلاح نفسة و لا ينظر فيما قصر فيه و ينتهي به المطاف مطرودا من عمله ليخبر الناس أنه طرد بسبب مؤامرة حاكها بعض الكارهين له!.


نسبة المؤامرة

حتي لو كانت هناك مؤامرة تحاك ضد أي شخص لن تكون مؤثرة بنسبة تتعدي ال60 أو ال50 بالمائة و بقية الفشل يعود طبعا للمتآمر عليه لأنه ببساطه لا يحمل نفسة المسؤولية، و ألقها بالكامل علي أخريين فيزرع إعتقاد داخل نفسة أنه سليم و ليس بحاجه للتطوير لآنه لو طور مهما طور، أو عمل مهما عمل فسيظل المتآمرون يدمروا له كل سبل نجاحه و يقفوا دائما عثرة في طريق طموحه. فلا يقدم أو يؤخر في حياته و يعطي المتآمرون فرصه للنيل منه قد قدمها لهم علي طبق من فضه.



المؤامرة الدنيئة

أما عن الحكام وخصوصا من يحكمون الدول النامية فيظلون يرددون بإستمرار أن هناك  من يتأمر عليهم دائما و يريد لبلادهم الخراب و يساعدهم في ذالك الأعلام بكل وسائلة. وهم من وراء ذالك يرجون خوف الناس من الشيئ الخفي الذي يتحرك في الظلام. يحاول أن ينتهز لحظة غفلة منهم لينقذ عليهم و يفترسهم!. و بالطبعي أن تجد الأنظمة الشمولية الدكتاتورية ضالتها في تلك النظرية لآن بوسطتها تستطيع أن تشيطن أي فكر مخالف لفكرها . وتتهمه بالعمالة و التوطئ و تحقيق المطامع و مساعدة المتآمرين سواء داخليا أو خارجيا. وحتي لا ينتظر الناس من الأنظمة تفسيرا منطقيا لتلك المؤامرة أو سباب الفشل الذي وقعت فيه تلك الحكومة.


تخيل المؤامرة

دائما تجد الدول التي تشتكي من وجود مؤامرة عليها للحد من نجاحاتها هي الدول النامية - دول العالم الثالث - بينما تجد الدول المتقدمة لا تتحدث إلا في أضيق الحدود عن نظرية المؤامرة و دائما يسعي الناس هناك لإيجاد تفسيرات منطقية مقبولة لتلك النظرية!. ولعل أشهر حدث نسب إلي تلك النظرية و هو حادث إغتيال الرئيس الأمريكي جون كندي و إغتيال أيضا الشخص المشتبه في تورطه في تلك العملية!!. بينما في بلادنا نجد الأعلام بشتي صورة  ممتلئ بالكثير من الإستنباطات الغير علميه و و الإستنتاجات المبنية علي غير أسس منطقية و نجد الكثير من الكلام المرسل وهوه الكلام الذي لا يصحب الدليل، و أيضا الكثير من تهم التخوين و التي هي من وجهه نظر النظام الخروج عن الجماعة التي تحتكر الحق فاي خلاف معها لا يعتبر إختلاف بل يعتبر خيانة للدولة و محاولة لإسقاطها؟!.


المسؤول عن المؤامرة

دائما توجه أيدي النقد للدول المتقدمة وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية  التي تحاول جاهدة أن تخلق جو من الأثارة حول أمكنتها السرية فمنذ الحرب الباردة و كانت كل من القوة الغربية و الشرقية تحاول إيهام الأخري بامتلاك قدرات علمية خارقة. من علوم الفضاء و التخاطب مع العوالم الأخري مما ألقي اللوم علي هذه الدول في الكثير من نظريات المؤامرة و دعم الإتحادات الماسونية حول العالم. و لعل تسرب بعض التقارير الغير مؤكدة التي تشكك في نزول الأمريكان علي سطح القمر و أن الموضوع مفبرك برمته من أجل توازن القوي مع روسيا، هو الامر الذي اثار العالم حول مصداقيتها في كثير من الأمور التي كانت أشيعت عنها كالقطاع 51؟! و وجود سفن فضائية بداخلة؟؟!! و إمكانيات الحرب البيولوجية و غيرة من إمكانيات الخيال العلمي.


من أنتم

لا أتحدث هنا عن القذافي بل مقالة جذبت إنتباهي للدكتور عائض القرني جاء فيه "متى تكفون يا أعراب عن عقدة المؤامرة والفرار من الاعتراف بالخطأ إلى البحث عن كبش فداء؟ متى تتوبون يا أعراب من هذه المسرحية الهزلية باتهامكم الخارج وتعليق أخطائكم على الغير؟ من أنتم حتى يتآمر عليكم العالم؟ من حضراتكم حتى تشتغل بكم القوى العظمى؟ لماذا يستهدفكم العالم وعلى ماذا يحسدكم؟ ألثرواتكم وشعوبكم تذوق الجوع والعري والجهل والمرض والتخلف؟ أم يستهدفكم لصناعاتكم وإنتاجكم ومراكز البحوث عندكم ومصادر الطاقة وصروح المعرفة ومخازن الأسلحة والمدمرات والبارجات والمراكب الفضائية وحاملات الطائرات وأنتم لا تستطيعون صناعة سيارة هايلكس بل أنتم في ذيل قائمة دول العالم صناعة وزراعة وتعليما وتنمية وإنتاجا".من وجهة نظري  من يؤمن بهذه النظرية عليه النظر أولا إلى حاله ، كيف هو حال التعليم لديه ، كيف هي خطط التنمية في المستقبل ، كيف يتعامل مع المبدعين و العلماء من أبناء وطنه ، كم هي نسب الأمية و الفقر و المرض  لديه ، ماهي درجة احترام المواطن وعدم الكذب عليه و اعتباره شخص ساذج من قبل الحكومات ، مدى قدرة الفرد على التأثير في صناعة القرار ، ما قدرتك في التأثير في العالم الخارجي ؟؟!!.


الهلاوس الماسونية

من أكثر الكلمات المرعبة الأن هي أن فلان ماسوني. و الغريب أن سألت أي شخص من مرددين تلك الكملة عن معنها لفتحوا أفواههم علي أخرها دون رد، الكل في مصر يلصق الإنفلات الأمني بالمخططات الماسونية و الأيادي الحلزونية و الأطراف الخفية دون تحديد واضح لحجم التهديد و لا لكونة و لا دليل واحد علية ولكنها الشماعة المفضلة الأن من قبل الحكومة لإلقاء اللوم علي طرف و إن كان خياليا. لدرجة جعلت الناس مرعوبة من أشياء لا يفهمونها كالأم التي تخيف أطفالها من " أمنا الغولة أو أبو رجل مسلوخة " حتي تسيطر عليهم بدل من أن تشرح لهم المخاطر الحقيقية و طبيعة الموقف لكن لكونهم أطفال لن يستوعبوا تلك الأشياء فتلجا للتخويف من المجهول تماما كما تعملنا الحكومة الحالية ولكنها هنا تعرف أن المواطنين يدركون لكنها تخاف من كشف حقيقتها أمام الناس.


دعيا مجانية للمتآمرين

بروتوكولات حكماء صهيون هي عبارة عن مجموعة من النصوص تتمحور حول خطة لسيطرة اليهود على العالم. يرى العديد من المؤرخين أن هذه الكتابات هي مجرد خدعة وخاصة بعد إجراء تحقيق صحفي عام 1921 م حول مصداقية هذه الكتابات قامت به صحيفة التايمز اللندنية واستخلص إلى أن المقالات هي تزوير أدبي لكتاب فرنسي؟!. لكنها في الواقع كانت دعيا جيدة جدا للقدرات التي يمتلكها اليهود في التخطيط الجيد و إدارة المؤمرات . فيصاب الناس بالخوف منهم لأنهم ببساطه اذكياء بدرجة لا تقهر. و بذالك نعطي لهم حجم أكبر من حجمهم الطبيعي؟!. فنظرية المؤامرة تعتبر دعيا مجانية لذكاء المتآمرين وقدراتهم الغير منتهيه علي إدارة الاحداث من بعيد و دون أي دليل.


حقيقة المؤامرات

هناك حقا مؤمرات لكن التاريخ يشهد أن الدول المتآمرة لا تستعين بالأشخاص البعيدين عن النظام أو المعارضين لآنهم بلاشك موضع شبهة دائما و مقدرتهم ضعيفة في الفعل داخل النظام و دائما من المكروهين. إنما تستعين بشخص من النظام و يا حبذا لو كان قريبا من مراكز إتخاذ القرار هذا يسهل لمؤامرتهم بلا شك. و التاريخ دائما يشهد علي ذالك.ولنذكر المتآمر مؤيد الدين بن العلقمي وزير الخليفة العباسي المستعصم،  الذي رتب مع هولاكو زعيم التتار بمعاونة نصير الدين الطوسي قتل الخليفة واحتلال بغداد، على أمل ان يسلمه هولاكو امارة المدينة.


متآمر و أهبل

المتآمرون علي الكيانات الكبيرة ليسوا سذج أو لا يعرفون التاريخ جيدا المتآمرون داما ليسوا في الصورة بل أن التاريخ يشهد دائما أنهم هم من يصفون الناس دائما بالخيانة و العمالة حتي يبعدوا عن انفسهم تماما شبة التواطؤ في مؤمرات أو شيئ من هذا القبيل.كل الثوار علي مر التاريخ تم تخوينهم قبل نجاح ثوراتهم و كل معظم أصحاب الفكر المضاد لفكر القيادة تم إلصاق بهم نظرية المؤامرة. و اذكر لكم قصة نبي الله صالح علية السلام حيث قال له قومة - بسم الله الرحمن الرحيم - “يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ” سورة هود.


خاتمة

حتي لا يصاب الشعب بجنون الإرتياب. و يظل الناس يبحثون عن سبب الخراب أرجوا أن ننتهي من تلك النظرية التي لا نفع فيها و نحاسب أنفينا و لو للحظة. ونبحث عن حلول أفضل من دفن رؤوسنا في الرمال. وحتي إذا كانت مؤامرة فعلا فلا ندع للعدو المتربص فرصة بخوفنا من أن يحقق مبتغاه. أتمني أن ننتهي من رمي الناس جذفا بالتخوين و بالعمالة دون دليل. احصل علي الدليل قبل أن تستخدم لسانك. و إلا فصمت و أصلح من نفسك................................حقا نعيب زمننا و العيب فينا و ما لزمننا عيب سونا.



أحمد محمدي

يمكنك نقل أي موضوع من المدونة بشرط ذكر المصدر وذكر رابط الموضوع الأصلي.



        # - أسطورة فانديتا
        # - وصمة عار
        # -الغباء السياسي
        # -ثورة أم انتفاضة أم مجرد حركة أخري
        # -هل الديمقراطية حرام ؟؟!!
        # -أرض النفاق

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Share

Ahmed

شركة مسافة لتقنية المعلومات

شركة مسافة لتقنية المعلومات
برامج نقاط البيع و برامج إدارة المنشئات و الشركات