السبت، 2 مايو 2015

إعلام النداهة

تقول الأسطورة الشعبية أن النداهة هي ، وحش أسطوري يتشكل في شكل فتاة لعوب و يسير على  المياه ليلا و يجوب الغيطان و المزارع بحثا عن فريسة ، و التي تكون غالبا أحد الفلاحين المراهقين الغلابة ، تسحره و تصيبه بالجنون  ، فلا يعد يري غيرها  ولا يسمع إلا صوتها ، ثم يسير مثل المجذوب يطوف الشوارع يبحث عنها و ينادي عليها بين الطرقات ،حتي إذا ما أتت مره أخري  إلي تلك البلدة تنادي عليه بإسمه فيخرج لها ، خروج الحبيب الملهوف ، و تصحبه معها في في رحلة داخل الغيطان المترامية الأطراف ، و حينما تختلي به تتحول لصورتها الأصلية كوحش أسطوري ذو أنياب ضخمة ثم تلتهمه بالكامل ولا تبقي منه شيئا .





شيء من بعيد

يقول العالم ألبرت إنشتاين "يستطيع أي أحمق جعل الأشياء تبدو أكبر وأعقد، لكنك تحتاج إلي عبقري شجاع لجعلها تبدو عكس ذلك"  أنت في خطر ، المؤامرة تتحرك حولك ، يريدون إفشالك ، إنهم بالفعل حاقدين عليك ، يريدون أن يذهب النعيم من بين يديك ، أجل هناك بالفعل نعيم بين يديك ، و أنت لا تراه ، مبروك أصبحت الأن و بكل فخر أحد ضحايا نداهة القرن ال21 ، و المسماة بالإعلام الأصفر أو اعلام العقول المريضة ،
بعد أن ذهبت أسطورة النداهة حيث تذهب جميع الاساطير ، أبت النداهة أن لا تعود ، فهي تعودت بالفعل على اللحم المصري الشهي ، لقت أيقنت حقا أنها لن تجد فرائس أسهل من المصريين فبعد أن تعبت من التجوال ليلا في المزارع و إصطياد فرسيه كل شهر ،  أرادت أن تواكب العصر و تتطور هي الاخري و تصطاد بأسلوب الصيد الكبير Big Hunting ، لذالك تخلت عن دور الفتاه اللعوب و تصورت في صورة انيقة لفتاه عصرية أو لصورة شخص جذاب يرتدي حلة غالية و يجلس خلف الكاميرا ، لقد قررت أن تصطاد فرائسها عبر شاشة الإعلام .


قوة السحر

لو لم يحب المسحور ساحره لما وقع في السحر ، مقولة أومن بها كثيرا و ربما تجسد الكثير من الواقع المرير الذي نعاني منه الأن  ،  فحب طائفة من الناس إلي إتجاه سياسي معين يجعلهم يصدقون إعلام هذا الإتجاه و هم بكامل وعيهم و إن كان لا يقول إلا الهراء بعينه . و كأن اغلب  المصريين يتخلون عن عقولهم و يضعونها بجانبهم لتستريح بينما يأخذون جلسة السحر الذي سيجعلهم في المستقبل عبيد لنداهة نظامهم الذي أحبوه ، و لا أخص هنا تيار بعينه بل كل التيارات ما عدا تلك التيارات التي تحمل عقول نقضيه فلا تجده يسلم عقله أبدا  حتي ولو كان المتحدث يرتدي لباس الملاك النازل من السماء ، أما الأغلبية "للأسف" من أصحاب الإنتماءات العمياء  ،  لا يفكر فيما يري ولا ما يردد فقطت يتصرف كالمسحور ، أما لو شاهد نداهة الغير أو الإعلام المعاكس لفكرة ، "فسبحان من يحي العظام و هي رميم"  تجده إستعاد عقله و تخلص من السحر و تحول لشخصية نقضيه فذه و تراه يفند الأقوال و يحلل الكلام و كأنه أعظم مفكر في العالم !!!
إن تجربة الإخوان و إعلامهم حينما وصلوا للسلطة ثم أقصوا منها لهي تجربة تستحق الدراسة فعلا ، حينما كان إعلام الإخوان يطبل للسلطة و يسب المعارضة بأفظع الألفاظ ، و جدنا المنتمين للتيار الديني يصفقون له بمنتهي الحب و كانوا يرددون كلام إعلامهم كأنهم ممسوسون من الجن ، ولعل هذا كله تغير حينما تم طردهم هم و آلاتهم الإعلامية  خارج العملية السياسية ، فتحولوا للنقيض تماما  ، أصبحوا يحترموا المعارضة و أصبحوا يسبون السلطة ، و العكس صحيح من أنصار الحكم العسكري مثلا حينما تحول وجهه نظرهم عن برنامج البرنامج من أفضل برنامج و الثناء الشديد عليه إلي تخوينه و إيقافه بشكل دائم حينما أصبح ضد وجهة نظرهم، حقا مصر هي بلد العجائب .


نظرية العصا و الجزرة

دائما يعطيك الإعلام الحلم و الأمل و يبعد عنك الإحساس باليأس ، حتي تصبح تحت سيطرته بالكامل تماما كما تفعل المواد المخدرة ، تصورك لك أن تعيش داخل إحساس وهمي يشعرك بانك أسعد شخص في العالم و حينما تنتهي الجرعة المخدرة تجد نفسك في الواقع المر و أنك ضائع ولا وجود لجبال العسل و الذهب التي وعدوك بها ، ناهيك عن أثار الإنسحاب التي تحدث لمدمن المخدرات حينما يتوقف لفتره عن  تناول المخدر. ، و أعتقد أن هذا يحدث هذه الأيام حينما يقول الإعلام أن كل شيء على ما يرام و البلد تقبع في القاع ، فلا تتوقع إلا إنفجار قريب ، ولعل بوادره بدات في الظهور حينما تري موجة إغلاق القنوات الصفراء المستمرة بسبب الإفلاس . لقد مل الناس تكرار سماع الكذب و تكرار التطبيل ذو الإتجاه الواحد و الأن  بدأوا بالفعل في الإبتعاد عن النداهة ، ولعل إغلاق وكر الشيطان الأعظم قناة " الملاعين" بسبب الإفلاس هوه بشرة خير لنهاية تلك الحقبة من الإعلام المضلل و أعتقد انه في المستقبل القريب سيبدأ المستثمرون في الإعلام إستقطاب الإعلاميين الحقيقين في أمل لإنقاذ تلك الصناعة من الفشل و الزوال .
التغيير سيحدث سواء رضي من يسوق الإعلام الاصفر أو لم يرضي فأداة المال هي الأقوي على الإطلاق و طالما هناك طلب علي سلعة ما لن يكابر كثيرا حتي يعرضها على الناس مره أخري. 


العودة لنقطة البداية

معظم الأساطير عبر تاريخ العالم إنتهت و لم تعد تصدق الأن ، لن تجد يونانيا اليوم يعتقد أن زيوس يجلس فوق جبل الأولمب  ممسكا بشرارة البرق ؟؟!!! ، لقد إنتهت معظم اساطير العالم و سوف تنتهي أسطورة نداهة القرن ال 21 قريبا و مكانها في  سلة المهملات  ،
النداهة هي وحش داخلي صنعناه بأنفسنا ثم نظرنا له بكل رهبة و رعب بالرغم من كونه بلا وجود .  


أحمد محمدي
  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Share

Ahmed

شركة مسافة لتقنية المعلومات

شركة مسافة لتقنية المعلومات
برامج نقاط البيع و برامج إدارة المنشئات و الشركات