السبت، 25 أبريل 2015

نظرية البلاطة المصرية و حلم علي بابا و عصابة المستريح

"دهب ياقوت مرجان ، أحمدك يا رب" ، مقولة شهيرة للص الأشهر في قصص الأطفال المدعو "علي بابا" ، حينما دخل مغارة الأربعين حرامي بعدما سرق كلمة السر و فك الشفرة  الشهيرة، "افتح يا سمسم" . ، بقصه مثل هذه رسخنا في عقول أطفالنا منذ الصغر أن سرقة اللصوص هي البطولة بعينها ، بعدما رفعنا "علي بابا" لمرتبة الابطال حيث إستطاع هذا البطل أن يصل إلي الثراء السريع عن طريق سرقة المال الغير مستفاد منه ، ثم نأتي بعد ذالك حينما يتحول علي بابا إلي حقيقة نندم و نولول على أموالنا التي أستولي عليها بعدما عرف كلمة السر التي سنخرج بها مدخرتنا من "تحت البلاطة" ، و سنعطيها له بكامل إرادتنا لكي نصل إلي الثراء الذي و عدنا به بدون مجهود ولا عمل فقط لاننا نستحق ذالك ، ومن هنا أعطينا علي بابا مفاتيح مغارتنا لكي يأخذ منها ما يشاء ، لقد تطور علي بابا عبر الزمان و صار أسمه الريان أو المستريح أو أو أو … الاسماء هنا لا تهم فهي كثيرة المهم هنا هوه الفكرة و علي بابا فكره و الفكرة لا تموت.  





حلم الثروة

في مجتمعتنا دائما ما تشد أذننا القصص التي تروي عن الكنوز المدفونة أو عن  الجني الذي خرج على المحظوظ فلان و جعل له جبلا من الذهب الخالص . و تجد البشر من الأطفال إلي الكبار منبهرين بتلك القصص ذات المبالغات الغير منطقية ، التي تجعل العقل تحت تاثير يشبه كثيرا تأثير المخدر و تجعله يحلم باليوم الذي سيخرج له الجني لكي يجعله هارون زمانة ، و غالبا بعد تلك الأحلام الوردية يخرج الطفل غلي عالم الواقع ليكتشف الحقيقة المرة ، أنه لا توجد مغارة و الجان لا يحبسون في مصابيح في إنتظار سعيد الحظ ، الواقع يحتاج إلي العمل مع الألم لو أردت أن تحصل على حقا على الثراء ، مثل ما يقول المثل الإنجليزي  no pain no gain ، أي إذا لم يكن ألام لن تجني الثمار في المستقبل ، و من هنا يجب أن نعرف الفارق بين التفكير الغربي و التفكير العربي في تلك النقطة بالذات ، حيث نجد القصص التي تروي للأطفال في الغرب مليئة بمغامرات العصاميين و كيف يمكن أن يصل للثروة من يبحث عنها عن طريق العمل ، مثل  قصص عم دهب "Scrooge McDuck" اكبر مثال على ذالك ، أما إذا أراد أن يقدم للطفل القليل من الفانتازيا و أو من قصص الثقافات المختلفة مثل ثقافتنا العربية تجدهم يضعون كلمة Legend أو الاسطورة قبل  اسم القصة مثل أسطورة علي بابا و الأربعين حرامي ، و هذا مهم جدا في تكوين  شخصية الطفل حتي يعرف الفارق بين ما هو ممكن و ما هو مجرد أسطورة عابرة لا يمكن أن تحصل على أرض الواقع.




محاكمة على بابا


طبعا لا أقصد الفيلم الجميل الذي قدمه الفنان الرائع يحي الفخراني ، ولكني أقصد أن نضع كل مفاهيم على بابا بداخلنا في خانة المحاكمة لانها مفاهيم مدمرة ، علينا إعادة تنقيحها و ربما علينا أذالتها بالكامل من عقولنا وعقول أطفالنا  ، و نبدأ في إعطاء الأجيال القادمة فكره عن العمل و عن ثماره ، وإلا سيولد لدينا المزيد من "علي بابا" ، و هنا  تكمن الخطورة .. حينما  يصحوا الطفل من أحلام الجني و المغارة يجد نفسه شابا في بلد بدون وظائف جيدة ، بدون مستوي معيشي محترم ، بدون مستقبل و متطلبات الحياه تضغط عليه  بكل قوة  ، و حينها لو لم تساعده بعض الظروف ، وسطه بسيطه ، أو مساعده من أحد اقاربه ،  أو ضربة حظ تجعله من القلائل الذين يعملون في أماكن محترمة ، . لو لم تساعده هذه الظروف سيختار طريق من إثنين إما الإنتحار أو طريق علي بابا بعد التطوير ، و طالما هناك علي بابا فلابد أن تكون هناك مغارة سيبحث عن المغارة بكل وجدانه ، و سيجدها في النهاية تحت بلاطة أحد الضحايا ، بالتأكيد سيبحث عن كلمة السر و ببعض الذكاء سيجد الطريق نحو البلاطة. و من هنا تبدأ كرة الثلج في التحرك . حتي  تصل  بصاحبها لدرجة الريان أو المستريح أو غيرهم ….. 


أفتح يا سمسم

كلمة السر هي الطريق الوحيد للسيد علي بابا 2015 لإستخراج الكنوز الدفينة من تحت البلاطة ، ولكنه أكتشف أن كلمة السر اليوم لم تعد بذالك التعقيد القديم و الأمر بات في قمة السهولة ، يكفي أن تقنع الناس بانك تمتلك قدرات خارقة في كسب الأموال حتي ولو من طرق مشكوك في شرعيتها ،و  سيعطيك الناس أموالهم و هم راضيين أتم الرضا عما تفعل بالرغم من أنها قصة "إتهرست" في 300 فيلم عربي قديم من قبل و قيل فيها أكثر مما قاله الإمام مالك في الخمر . ولكن حلم الثروة الذي تكلمنا عنه يجعل الشخص يعتقد أنه أمام مغارة و كلمة السر هنا دفع بعض الاموال ثم تفتح لك "طاقة القدر" و تصير غني مثل علي بابا ، أجل الضحية هنا تمتلك نفس منطق الجاني . تحاول الوصول إلي نفس الذي يحاول الجاني الوصول إليهم ، أجل كلاهما علي بابا ، و الاذكي هنا سيضحك على  الاخر و يسلب غنيمته .،  للأسف إنها الثقافة التي تربينا عليها منذ الصغر أن الطريق الوحيد للوصول للثراء هو طريق علي بابا حتي صرنا دولة المليون "علي بابا" على أقل تقدير. 



حدث بالفعل


قرر أن يؤجر أرضه لفلاح أخر  ، حتي يتسني له السفر للخارج حيث الراتب الكبير و يجني أرباحا مضاعفة ، بهذا ضرب عده عصافير بحجر واحد ، اولا ترك مهنه الفلاحة و التي أصبح يحتقرها ، و ثانيا أن يجني أرباحا بدون تعب عن طريق التأجير و ثالثا يسافر ليعمل في وظيفة و بهذا يجني المزيد من الاموال ، سيعود هذا الفلاح من غربته بعد سنوات قليله أو كثيرة علي حسب ما أدخره خلال سنوات الغربة ، لكي يبني على جزء من تلك الارض  التي هجرها "دوار كبير" فقد أصبح من الاعيان الأن ، و أصبح  ثري و هنا تبقي عنده مشكله واحده ماذا سيفعل في كل الأموال التي جمعها ؟؟!! بالطبع سيفعل كما يفعل كل المصريون الذين سبقوه في تلك المغامرة ، سيودع امواله تحت البلاطة ، "محدش ضامن الظروف"  هكذا سيفكر ! سيخاف أن  يضعها في بنك فالبنوك قال عنها إمام الجامع أنها بنوك ربويه و حرام التعامل معها شرعا !، و حتي ما تسمي بالبنوك الإسلامية أو ذات المعاملات الإسلامية لا تقدم  الفائدة المرجوة من  كل هذه الأموال  ، فما العمل هنا ياتي دور المستريح و أمثاله ممن ابتدعوا فكرة شركات توظيف الأموال  ليوهم الضحية أنه سيقوم بعمل تجارة يطلق عليها البعض "بتجيب الفلوس من الهوا" و أنه سيتاجر في شيء يعطي مكاسب أكبر من تجارة المواد المخدرة ، هنا فقط تجد هذا الشخص المؤمن الذي ترك البنوك الوطنية بسبب شبهة الفائدة ، يجري ليغامر بامواله في شيء من الممكن أن يكون هو الحرام بذاته ، ولكن كبر مبلغ الفائدة سيلغي عقلة و سيجعله مثل الأعمي يجري وراء حلم  تضخيم الثروة التي جمعها من البداية ، ولن يفيق حينما يعرف أن علي بابا أخذ مدخراته من مغارته الخاصة و بكامل مباركته  و هرب بها  أو انه قيد التحقيق في  السجن.



خطورة ما يحدث  

قصة مثل التي ذكرتها تحدث كل يوم و ربما تحدث كما حكيتها بنسبه 100 % أو بنسب  أقل  كثيرا أو قليلا ولكن دعونا نسرد خطورة تلك القصة . اولا بعدما أصبحت كلمة فلاح تعتبر سبة أو تقلل من قيمة صاحبها و لا أعرف  حقيقا لماذا  بعدما كانت مفخرة ، ولكني أعتقد أنها بسبب الطبقية الشديدة التي أصبحنا نعيش فيها الأن و لكن الفكرة هنا هي ترك الأرض للمؤجر و الذي  طبعا لن يعتني بها كصاحبها الأصلي و ربما تبور منه بعد سنتين أو ثلاث بسبب أنه لا يهتم كثيرا بمستقبل هذه الأرض ، اعتقد أنه لو علم عبد الناصر ما سيحدث للأراضي التي  أعطاها للفلاحين من بناء و تبوير و إهمال لكان فكر 1000 مرة قبل أن يعطيها لهم باوراق ملكية .
ثانيا الفهلوة . و الفهلوة هي مرض العصر عند المصريين حينما يعتقد أنه بقليل من الفهلوة بدون دراسة حقيقية للأمور سيصل إلي الثراء السريع و بدون تعب ، لماذا أتعب في الأرض ، و أنا بإمكاني أن أسافر و أوجر الأرض و أصبح من الأعيان ، ثم طمع ياتي بطمع أخر ، عن طريق لماذا أتعب نفسي و أستثمر أموالي بنفسي و هناك من سيستثمرها لي و سيأتي لي بالفائدة  بدون اي تعب أو مجهود ، و بهذا يكون أضاع على الدولة إستثمار أمواله في شيء نافع ، و أيضا أضاع عليها زيادة الرصيد الإحتياطي من الأموال عن طريق وضع أمواله في البنوك ، بهذا أضر نفسة و أضر بلدة بسبب الكسل و الفهلوة .، حقا نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا .

أحمد محمدي  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Share

Ahmed

شركة مسافة لتقنية المعلومات

شركة مسافة لتقنية المعلومات
برامج نقاط البيع و برامج إدارة المنشئات و الشركات